“ما زلت أتذكّر كيف كانت ابنتي الصغيرة تقضي أغلب وقتها مع ثلاث من الدمى، هيأت لهم منزلاً صغيراً في غرفتها، وصممت لهم الملابس بيديها، وفي كلّ يوم كانت تسافر معهم إلى عالم من الخيال، تصوغ أحداث قصصه وحدها، تارةً تبكي…فأسرع إليها خائفة، فتبتسم في وجهي قائلة: “لا بأس ماما إنني أحكي لهم قصة”…ومرّات تضحك بشقاوة على أحد المواقف – والتي تخيّلتها هي أيضاً- وتأتي لتقصّ عليّ ما ألّفت، ثمّ انتقل هوسها إلى الكتب والكلمات عندما كبرت قليلاً، وها هي اليوم تخوض رحلتها المهنيّة في الكتابة”
هكذا حكت لنا أحد الأمهّات من صديقات قناة شمس قصّة ابنتها، والتي لاحظت فيها علامات أحد أنواع الذكاء وهو الذكاء اللغوي، فاعتنت بموهبتها ووجهتها بشكل صحيح لاستثمار هذا الذكاء بما تحبّ وتهوى، وماذا عنكم؟؟ هل تعرفون أنواع الذكاء المختلفة وعلاماتها عند الأطفال؟؟
تابعوا معنا هذا المقال، لتأخذوا بأيدي أطفالكم نحو تحقيق طموحاتهم وتلبية نداء شغفهم…
جدول المحتوى
ما أهمية تحديد نوع ذكاء الطفل؟
هناك مثل يقول: “إذا حكمت على سمكة من خلال قدرتها على تسلق شجرة، فستعيش طوال حياتها معتقدة أنها غبية”.
حسناً الطفل ليس سمكة (بالطبع!) ولكن يؤكّد هذا المثل حقيقة بسيطة: الذكاء ليس شيئاً واحداًو ثابتاً، بل هو مزيج من القدرات المختلفة التي يحتويها كائن واحد وهو الطفل.
وبحسب نظرية غاردنر للذكاء المتعدد، هناك العديد من المهارات والأوجه التي تشير إلى مدى “ذكاء” الشخص، ويُقاس هذا “الذكاء” بمدى تواصله مع الآخرين، والهوايات، وحل المشكلات، وفهم الذات، والتعلم، واللعب، والعمل.
وتقول النظرية أيضاً أنّ هناك 8 أنواع للذكاء، وكلّ منهم يلعب دوراً أساسياً في دورة نمو الطفل من الأعمار المبكرة وحتى المدرسة والمراهقة.
لذلك لا يجب على الحكم على الطفل الذي يجد الرياضيات صعبة مثلاً أنّه ليس طفلاً ذكياً(كما هو الحال في أغلب مجتمعاتنا)، لأنّ لدى كل طفل تركيبة فريدة من أنواع الذكاء بنسب متفاوتة، وربما يبرز أحد الأنواع على البقية محددّاً بذلك هوايات الطفل وشغفه وطريقة تعلّمه الأفضل لباقي الأشياء في الحياة.
أنواع الذكاء وعلاماتها عند الأطفال
الذكاء العاطفي
هو ببساطة القدرة على ملاحظة العواطف وفهمها والتصرف بناءً عليها بطريقة فعالة، مثلاً إليكم هذا السيناريوهات:
- ” يحلً طفلك مسألة رياضيات صعبة، ولم يجد لها حلّاً بعد، بدلاً من أن يصرخ ويستسلم، يخبرك كم هو محبط ويطلب منك المساعدة”
- ” كنتما قد خطّطتما معاً للذهاب إلى حديقة الألعاب، وطرأ عليكِ عمل مفاجئ فألغيتِ النزهة، بدلاً من أن يستاء طفلك ويبكي، يتفهّم ما حدث ويرضى بتأجيل زيارة الحديقة إلى يوم آخر”
هذه بعض من علامات الذكاء العاطفي، والتي تشير إلى قدرة الطفل على الاستجابة لمشاعره ومشاعر الآخرين بطريقة إيجابية، وهذا النوع من الذكاء ضروري لتنمية علاقات الطفل الاجتماعية في المستقبل.
الذكاء المنطقي الرياضي
الذكاء المنطقي الرياضي هو القدرة على أداء العمليات الحسابية وتحليل المشكلات بشكل منطقي.
وتتجلّى ضرورته للأطفال لأنه يمكن لهم التفكير في حلول مبتكرة وعقلانية لمشاكلهم من خلال اكتشاف الأنماط والتفكير الاستنتاجي…ومن بعض علاماته عند الطفل:
- يحبّ الأرقام
- يبدع في البيئات المنظّمة
- يجاوب بشكل منطقي على أسئلتك
- يحبّ استخدام الكمبيوتر( ولا نقصد هنا الألعاب الإلكترونية فقط)
الذكاء الاجتماعي
هو القدرة على التواصل الجيّد من الآخرين وبناء علاقات اجتماعية إيجابيّة، فلا يمكن للبشر أن يعيشوا في عزلة عن الآخرين، وهذا ما يبيّن أهمية هذا النوع من الذكاء، والأطفال الذين يتمتّعون بذكاء اجتماعي جيّد يتّصفون بما يلي:
- حسن الاستماع والإنصات إلى الآخرين
- حبّ العمل الجماعي والألعاب التي تحتوي فرقاً
- الانفتاح على الناس
- حب التكلّم حتّى مع الغرباء
الذكاء الموسيقي
الذكاء الموسيقي هو مقياس لمهارة الطفل في أداء وتأليف وتقدير الموسيقى والأنماط الموسيقية.
وبما أنّ الموسيقى عنصر أساسيّ في كل ثقافة في العالم، لذا فإن معرفة كيفية الاستمتاع بالموسيقى أو تأليفها يلعب دوراً محورياً في المهارات الاجتماعية للأطفال.
ومن علامات الذكاء الموسيقي عند الطفل:
- يتعلّمون العزف على آلة موسيقية بسرعة
- يغنّون بشكل جيد
- يتذكّرون الإيقاع بعد سماعه عدة مرات.
- غالباً ما يستمعون إلى الموسيقى ويستمتعون بالحفلات الموسيقية والعروض الموسيقية.
ذكاء الطبيعة
يتعلق الذكاء الطبيعي بمعرفة الكائنات الحية والكوكب، وقد يبدو الاهتمام بالنباتات والحيوانات والطقس والمحيطات والجبال ثانوياً بالنسبة للمهارات “الأكثر أهمية” مثل القراءة أو الكتابة في أغلب المجتمعات، ولكنّ الشعور بالاندهاش تجاه الطبيعة يساعد على إدراك الطفل أهمية البيئة والحفاظ عليها.
ومن علامات ذكاء الطبيعة عند الأطفال:
- يعبّرون عن رغبتهم في فهم كيفية عمل الأشياء في الطبيعة (مثلاً كيف ينزل المطر، كيف تتحرك الأمواج وهكذا…)
- يهتمون بالبيئة ويحبون أن يكونوا على اتصال بالطبيعة
- ماهرون في تحديد الحيوانات والنباتات
- يحبون الأنشطة الخارجية (مثل التخييم أو زراعة النباتات)
الذكاء الحركي
هو مدى استخدام الطفل لجسمه، بدءاً من استخدام لغة الجسد للتواصل، وإلى النشاطات الرياضية الأكثر تعقيداً، ويعدّ هذا الذكاء أساسياً لكل ما يفعله الأشخاص سواء كانوا يعملون في مزرعة، أو يجرون جراحة في المستشفى، ومن علاماته:
- يتحرّك الطفل طوال الوقت
- يحبّ الطفل الأنشطة الحركية والرياضية كالسباقات والجري وغيرها
- يتذكّر الأشياء مع الحركات (مثلاً يهزّ رأسه وهو يقرأ شيئاً ما غيابيّاً)
- يميل إلى لمس وتحسس الأشياء لمعرفة طبيعتها
الذكاء اللغوي
الذكاء اللغوي هو قدرة الفرد على فهم وإنتاج اللغة المنطوقة والمكتوبة، وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإبداع والتواصل وتحسين حل المشكلات والتفكير المجرد.
ومن علاماته عند الطفل:
- تعلّم الحروف والكلمات بسرعة
- الاستمتاع بالقراءة
- الميل إلى تأليف القصص والأحداث بعبارات مفهومة
- حبّ المناقشة وإلقاء الخطابات
قد يهمك: لماذا الملل مفيد لأطفالك.
الذكاء البصري
هو قدرة الطفل على رؤية العالم من حوله، وهو شيء ضروري للبقاء على قيد الحياة في عالمنا الكبير والمعقّد.
يتعامل الذكاء المرئي مع الأشكال والأنماط والألوان، ولكنه يشمل أيضاً موضع الكائنات والعلاقة بينها في الفضاء، و المسافة والاتجاه، وتتجلّى أهميته للطفل في القدرة على التفكير بشكل إبداعيّ.
ومن أبرز علاماته:
- القدرة على تصور الصور والأشكال والمواقف ثلاثية الأبعاد لكائن ما فيما يتعلق بجسم آخر.
- تفسير الصور والرسوم البيانية والمخططات جيداً
- تركيب Puzzle بمهارة
- الاستمتاع بالرسم والفنون البصريّة
وبعد شرح هذه الأنواع المختلفة للذكاء، نستنتج أنّه من الخطأ اعتماد نمط تعليمي وتربوي واحد لكل أطفالك، وبدلاً من ذلك يمكنك ملاحظة جوانب ذكائهم المختلفة واعتماد أنماط تربوية وسلوكيات تعليمية متوافقة معها من أجل تعليم طفلك بشكل أسرع وأسهل وتزويده بمتعة حقيقيّة خلال أدوار حياته المختلفة.
قد يهمك: التعلّم باللّعب.