تعرفون بالتّأكيد العبقريّ ألبرت أينشتاين، الذي أذهل العالم بنظرياته…ولكنّ الشيء الذي لا تعرفونه عنه هو مدى تأثير طفولته على مسار حياته، ولذلك سنحكي لكم هذه القصة الصغيرة:
في أحد السنوات عندما كان ألبرت في الرابعة أو الخامسة من عمره، أُصيب بمرض ألزمه الفراش، فأعطاه والده بوصلة جيب مغناطيسية ليلعب بها، وبدأ أينشتاين الصّغير بلّف تلك البوصلة واللعب بها وتأملها وهو يتساءل ويفكّر: كيف تعرف الإبرة دائماً جهة الشمال؟
يقول أينشتاين متذكّراً تلك الحادثة: “ما زلت أتذكر أن هذه التجربة تركت انطباعاً عميقاً ودائماً في نفسي، أنّه لابد من وجود شيء مخفيّ بعمق وراء الأشياء”.
في الواقع، لم تشر تلك البوصلة إلى الشمال ولا حتى إلى الجنوب، بل أشارت إلى الطريق الصحيح الذي كان على أينشتاين أن يتبعه، وهو طريق العلم والبحث، وربما بداخل كلّ طفلٍ أينشتاين صغير لم يتمّ اكتشافه بعد، ومن واجبنا كأهل أن نفهم تأثير الأنشطة المختلفة على حياة أطفالنا، وهذا ما يقودنا إلى موضوع مقالتنا: “التعلّم باللّعب”، فما أهمية ذلك بالنسبة للأطفال؟
جدول المحتوى
اللّعب بالنسبة لـ الأطفال
ربما لاحظتم وأنت تبحثون عن روضة مناسبة لأطفالكم، أنّ المعلّمين فيها يكررون دائماً عبارات مثل:
- “منهجنا قائم على اللّعب”
- “نعلّم الأطفال من خلال الأنشطة والألعاب”
- “هناك قسم خاصّ لألعاب الأطفال”
ولكن هل سألتم لماذا؟
يقول فريدريك فروبيل، وهو الألماني الذي ابتكر مفهوم “الروضة”: ” اللعب هو أعلى تعبير عن التطور البشري في مرحلة الطفولة، لأنّه وحده هو التعبير الحر عمّا في روح الطفل”.
و بالاستناد لذلك، يمكننا تعريف اللعب على أنّه نشاط يظهر فيه الأطفال قدرتهم الرائعة على الاستكشاف والخيال واتخاذ القرار، وهو فطرة طبيعية عند الطفل وتجلب له المتعة، وبالتالي لا يحتاج إلى تحفيز خارجي من الأهل للاستمرار به.
واللّعب في الواقع مفتاح التعلم، إذ وجد الباحثون والمعلمون في جميع أنحاء العالم أنّ اللعب يمكن أن يساعد في إثراء التعلم وتطوير المهارات الأساسية مثل الاستفسار والتعبير والتجريب والعمل الجماعي عند الأطفال.
فوائد التعلّم باللّعب
دعم صحة الطفل وتطوّره البدنيّ
يدعم اللعب الحركي باستخدام العضلات مثل التسلق والجري وألعاب الكرة والحفر والقفز والرقص صحة الأطفال بشكل عام، وشعورهم بالرفاهية والنمو البدني، وتقدير فوائد أنماط الحياة النشطة ومهارات الاستقلال في المساعدة الذاتية مثل ارتداء الملابس أو التغذية.
تعزيز التطوّر العاطفي والاجتماعي للطفل
اللعب الدرامي والخيالي الذي يتضمن ارتداء الملابس ولعب الأدوار يمكن أن يطور مهارات وقيم اجتماعية وعاطفية إيجابية،كما يوفّر هذا فرصاً للأطفال للقيام بما يلي:
- التدرّب على كيفية العمل مع الأطفال الآخرين
- التفاوض على الأفكار
- اتخاذ الخيارات والقرارات
- تنمية الثقة بالنفس من خلال تجربة النجاح والتحديات
بالإضافة إلى تعلّم كيفية التحكم في عواطفهم، مثل تقليل السلوك المندفع، أو تقليل التوتر، وذلك أثناء تمثيلهم للمشاعر والأحداث التي قد تقلقهم، ولا ننسى تطوير مَلَكة التعاطف والإنصاف عندما يتعلمون اللعب جنباً إلى جنب مع الأطفال الآخرين.
تنمية التطوّر المعرفي
يساعد التعلّم باللعب الأطفال على التفكير والتذكر والتعلم والانتباه، و يطورون من خلاله المهارات المعرفية التالية :
- حل المشاكل
- قوة الخيال والإبداع
- مفاهيم مثل الأشكال والألوان والقياس والعد والتعرف على الحروف
- نقاط القوة مثل التركيز والمثابرة والمرونة
- زيادة فهم الكلمات واستخدامها
- مهارات الاستماع والتحدّث
- مهارات الكتابة من خلال الخربشة والرسم
- تعلم كيفية عمل القصص (الحبكة والشخصيات والبنية والغرض)
وغيرها الكثير.
قد يهمك: تعليم تشكيل الحروف العربية للأطفال.
كيف يمكنكم المساهمة في تعلم أطفالكم من خلال اللعب؟
يعتمد نجاح الأطفال كمتعلمين على أسس قوية يتمّ تطويرها منذ الطفولة، ويعزّز التعلّم القائم على اللعب المهارات الأساسية والفهم والتصرفات التي تعتبر ضرورية لتعلّم أطفالكم ورفاهيتهم مدى الحياة.
ويمكنكم تشجيع تعلّم أطفالكم من خلال:
- مشاركة المعلومات حول اهتمامات أطفالكم وقدراتهم مع معلميهم حتى يتمكنوا من التخطيط لتجارب اللعب لأطفالكم بناءً على اهتماماتهم وقدراتهم
- اللعب مع أطفالكم
- ابتكار الأنشطة التي يستمتع أطفالكم باللعب والمشاركة فيها أو البحث عنها عبر الانترنت
- الدعوة إلى مساحات لعب آمنة وممتعة في مجتمعكم المحليّ
فإذاً، بالنتيجة ساعدوا أطفالكم على التعبير عن أنفسهم والتعاون مع الآخرين والاندفاع للأنشطة الإبداعية، بالإضافة إلى الاحتفاظ بفضولهم الطبيعي وألا يفقدوا أبداً حماسهم لتعلم شيء جديد، ويتمّ تحقيق كلّ هذه الأشياء من خلال جعل التعلم ممتعاً للأطفال ودمجه بالألعاب التي تتناسب مع اهتماماتهم ومستوى وعيهم وإدراكهم.
قد يهمك: لماذا الملل مفيد لأطفالك.