كان يا ما كان، منذ قديم الزمان…كنا نلتفّ حول الجدة نراقب حركاتها بنهمٍ طفوليّ وهي تحكي لنا عن المارد العملاق، والبطل الشجاع، والأميرة الجميلة…نكبرُ وتبقى تلك القصص عالقة في أذهاننا، نسقطها على تجاربنا الشخصية دون وعي مباشر ونعيد تكرار السيناريو مع أطفالنا على هيئة قصص جميلة ندغدغ بها خيالهم الخصب…
لنرى معاً في هذا المقال ستّ فوائد لقراءة القصص للأطفال، ونكتشف كيف نؤثر بها على شخصياتهم…
جدول المحتوى
لماذا يجب أن نقرأ القصص للأطفال؟
عالم الطفل واسع جداً يفوق إدراكنا، وعلى الرغم من صغر السن فإن عقله قادر على تشرّب المعلومات بسهولة، وهذه المعلومات هي حجر الأساس لبناء شخصيته المتكاملة، ولكن…هل يمكن أن نشرح لأطفالنا شيئاً ما كما نشرحه للكبار؟؟
بالطبع لا، ومن هنا جاءت الحاجة إلى قراءة القصص للأطفال التي يمكن اعتبارها مفتاح العبور إلى عالم الطفل ووسيلة لنقل رسالتنا إليه بخفة ومتعة، لأنها قريبة لقلوب الصغار ومسلية وقصيرة تناسب مدة استقبالهم للمعلومات وترسيخها، كما أنها متنوعة وشاملة للكثير من جوانب الحياة سواء المؤثرة على كيان الطفل الاجتماعي أو الأكاديمي وحتى النفسيّ.
وسنتكلم بالتفصيل عن أهم الفوائد التي نجنيها عند قراءة القصص لأطفالنا…
فوائد قراءة القصص للأطفال
تنمية الخيال عند الطفل
الخيال والطفل رفيقان، علاقتهما أزلية، وكونوا على ثقة بأن هذا الطفل الصغير قادر أن يرى بعيونه عوالم لا نستطيع اكتشافها ويرسم بحاراً من الدهشة ويطير بأفكاره إلى كل مكان، ومن المهم أن ندربه على تقوية الخيال باعتباره أحد وسائل الإبداع عندما يكبر، وأن نغذي هذه الروح الابتكارية حتى تعلو وترتفع، وهذا ما تقوم به القصص لأنها تعتمد على الخيال لتصوير الشخصيات وتَصوّرِ بيئتهم وتكوينهم وتخمين ماذا سيحدث معهم مما يعمل على إثراء مخيلة الطفل بالمزيد من الأفكار والأحداث…
نقترح لكم:
من الخدع البسيطة لتقوية الخيال، أن تتركوا لأطفالكم نهاية القصة مفتوحة مثلاً وتسألوهم عن مصير أبطالها، أو دعوهم يبتكرون شخصية إضافية ويقررون اسمها وشكلها ودورها في القصة، أو غيروا حبكة القصة واطلبوا من الطفل أن يرويها لكم بطريقته وهكذا، وطبعاً انتقوا الخيار المناسب لعمر طفلكم.
غرس الأخلاق والسلوك الحسن عند الطفل
يجب أن نبدأ بتعليم الأطفال السلوكيات الصحيحة والأخلاق الحسنة منذ نعومة أظفارهم لأنها تمنحهم القدرة اللازمة للنجاح وبناء العلاقات السليمة مع من حولهم كأشخاص بالغين فيما بعد، وحتى يتقبلها الطفل وتصبح جزءاً من شخصيته من الضروري أن نلجأ إلى وسيلة محببة لطرحها كالقصص وأن نبتعد قدر الإمكان عن أسلوب الأمر والنهي والعقاب.
في القصة يتم التركيز على توصيل القيمة بأسلوب بسيط وشخصيات محببة، ولأن التقليد أحد أبرز الأشياء التي يبرع الطفل بها فـ ستلاحظون أنهم سيبدؤون بتقليد شخصيات القصة في سلوكهم يوماً بعد يوم!
نقترح لكم:
في حال وجدتم أن أسلوب التلقين أصبح مملاً وغير فعال، اتجهوا إلى قراءة أو مشاهدة قصص تحاكي السلوك الذي تريدون تعليمه للطفل ومن خلال هذه القصص شجعوا الطفل على السلوك الجيد وأخبروه عاقبة السلوك السيء، انظروا كيف تمّ تطبيق ذلك في قصة “وحش السرقة” على قناة “شمس ميديا“، والتي تعلم الطفل ألا يتعدى على ممتلكات غيره.
تعليم الأطفال مفاهيم جديدة
ما البحر؟ كيف تغيب الشمس؟ لماذا يجب أن أشرب الحليب كل يوم؟ ماذا تعني الشجاعة؟
هذه عينة بسيطة من الأسئلة التي تدور في ذهن الطفل، ويجب على الأهل المساعدة في الإجابات وتعزيز ملكة الاكتشاف والتطور الفكري عند أطفالهم، وهنا تلعب القصص دوراً هاماً في تسهيل تعليم الأطفال أشياء متنوعة وجديدة، قد تكون علمية أو اجتماعية أو من وحي الحياة اليومية، انظروا مثلاً كيف قدمت لنا المبدعة رنيم النعمان فكرة السعي نحو تحقيق الأحلام في هذه القصة الممتعة: “لن أتخلى عن حلمي”…
نقترح لكم:
سجلوا الأشياء التي يسأل عنها الطفل باستمرار وحاولوا تقديم الإجابات على شكل قصة قصيرة تروي فضوله.
بناء علاقات أقوى مع الأهل
توفر قراءة القصص بانتظام للأطفال فرصة الحصول على حديث منتظم ومشترك معهم، كما تعزز مشاعر الحب والاهتمام والطمأنينة التي تعتبر مفتاحاً للرعاية والرفاهية إنشاء أطفال أسوياء عاطفياً ونفسياً.
نقترح لكم:
اجعلوا من قراءة القصص أو مشاهدتها معاً عادة روتينية تقومون بها كل يوم مع أطفالكم، لأنها ستصبح مع الممارسة أحد الأمور التي يتطلع لها الصغار و ينتظرونها بفارغ الصبر!
تنمية الذكاء الاجتماعي والعاطفي للطفل
قراءة القصص للأطفال تسمح لهم باختبار حياة شخصيات القصة والتعرف على شعورهم مما يمكّن الأطفال من استخدام هذا الفهم للتعاطف في العالم الحقيقي مع الآخرين، الأمر الذي يساعد بشكل كبير في تنميتهم الاجتماعية، بالإضافة إلى فهم مشاعرهم الذاتية وتعلم تقبلها، وتدريجياً يتعلمون كيفية التعبير عنها مما يرفع ذكاءهم العاطفي.
نقترح لكم:
راقبوا ردود فعل أطفالكم على مشاعر الشخصيات في القصة، مثلاً خوف البطل من شيء أو حزنه أو غروره وهكذا لأن ردة فعلهم تعكس مشاعرهم الداخلية، ويمكن انتهاز الفرصة هنا لتتحدثوا معهم بحرية عن تلك المشاعر.
تطوير الذكاء اللغوي للطفل
قراءة القصص بشكل مستمر للأطفال يغني خزينتهم اللغوية بمفردات جديدة، ويحفز جزء الدماغ الذي يسمح بفهم معنى اللغة وبنائها وتطوير الجمل الصحيحة، كما يطور مهارات التحدث والمخاطبة عندهم، وكل ذلك في حصيلته ينمّي ذكاء الطفل اللغوي المهم جداً في حياته العملية فيما بعد.
قد يهمك: أنواع للذكاء عند الأطفال.
نقترح لكم:
هناك تفاصيل يجب الانتباه لها خلال قراءة القصص، مثلاً إعادة القصة نفسها عدة مرات مفيدة جداً لترسيخ الكلمات الجديدة لدى الطفل ( خاصة لو كان عمره صغيراً نسبياً)، ويا حبذا لو اخترتم قصصاً ذات إيقاع ونغم لتكون أقرب لقلب الطفل، ولا تنسوا الإشارة إلى صور القصة وأنتم تحكونها لدمج الرؤية البصرية للطفل مع باقي حواسه والحصول على استفادة أكبر…
قراءة القصص للأطفال نشاط فعال، يساعد في تعليم الأطفال كل شيء عن أنفسهم وعالمهم والثقافات الموجودة فيه، وهناك العديد من الموارد المتاحة على الانترنت للقراءة والاكتشاف، ونشجعكم على ممارسته بانتظام لإنشاء طفل ذكي وقوي يمتلك مفاتيح النجاح.
قد يهمك: التعلّم غير التقليدي.