نعم، لقد قرأتم العنوان بشكل صحيح!
تقول الأخصائية النفسيّة د.فانيسا لابوانت: “يحتاج الأطفال إلى الجلوس في حالة من الملل حتى يصبح العالم هادئاً بدرجة كافية بحيث يمكنهم سماع أنفسهم”، وهذا ما قد يدفعكم للتفكير قليلاً: هل نحن مخطئون إذاً بتنظيم كلّ هذه الأنشطة لأطفالنا من دراسة وموسيقى ولعب ورياضة حتى يحلّ وقت النوم؟؟!
أنتم لستم على خطأ كليّاً، ولكن هناك شيء يغفل عنه الكثير من الأهل في عصرنا الرقميّ هذا، والذي يصلون خلاله إلى الكثير من الموارد التعليمية والمعرفية بخصوص الأطفال، وهو حاجة الطفل إلى القليل من الملل، والمساحة الخاصة، التي ستمدّه بفوائد عديدة، هيا نستكشفها معاً…
جدول المحتوى
#1 يشجّع الملل الخيال والإبداع
عندما يبقى الطفل في مساحته الخاصّة دونَ إشرافٍ أو تدخّل من الأهل، سوف يضطّر إلى أن يكون أكثر إبداعاً في ابتكار طرق تسلية خاصّة به، ومنحه هذه الفرصة لاكتشاف الأشياء بمحض إرادته سيعزّز إحساسه بالفضول والتفكير بما يجلب له البهجة.
في الواقع، وجدت الأبحاث أنّ الأشخاص الذين تمّ تكليفهم بمجموعة من المهام المملّة لإكمالها يظهرون المزيد من الخيال عندما يُطلب منهم بعد ذلك المشاركة في نشاط التفكير الإبداعي، وهذا عن البالغين، فما بالكم بالأطفال المتّقدين بالحماس والإبداع؟
وبالنتيجة يحتاج الأطفال إلى تعلّم أخذ زمام المبادرة والتفكير في طرق لإشغال أنفسهم لا يمليها شخص آخر عليهم، وهذا ما يعتبر حافزاً للخيال والإبداع.
#2 يعلّم الملل المرونة والشجاعة
يسعى الأهل في هذه الأيام إلى تعليم أطفالهم “المرونة”، وقد أصبح هذا المصطلح كلمةً رنّانة في أغلب مواقع تربية الأطفال، وهو يعني قدرة الطفل على تبنّي موقفٍ والعمل به في المواقف الصّعبة، ولكن ما علاقة ملل الأطفال بهذا؟
الشعور بالملل، أو الاضطرار إلى التفكير في طرق لتسلية أنفسهم، هو طريقة مهمّة لتطوير “المرونة”.
إذ يريد الجميع الاعتقاد بأنهم بارعون في كل شيء، لكنّ الأطفال الذين لم يواجهوا الفشل أبداً لا يعرفون كيفية التعامل معه عند ظهوره، والحصول على وقت فراغ لتجربة الأشياء دون الخوف من الفشل أمر ضروريّ إذا كنتم ترغبون للطفل أن ينمّي الشجاعة والمرونة.
#3 يطوّر الملل مهارة حلّ المشكلات عند الطفل
“ماما، ماذا سنفعل في العطلة؟”
“ماما هل نذهب إلى درس الموسيقى أو درس الرسم؟”
حسناً لنتعرف بالأمر، أغلبنا نظّم وقت أطفاله بطريقة مدروسة جداً، حتى صاروا يلجؤون إلينا في كل أمر، وهم دائماً يتوقعون منّا أن نبتكر شيئاً ليقومون به عندما يشعرون بالملل.
الآن فوراً، توقّفوا عن التدخل!
لأنّ الشعور بالملل سيساعدهم على تطوير مهاراتهم في حلّ المشكلات، حيث في عالمنا الذي يتم فيه تحفيز الأطفال باستمرار، يمكن أن يشعروا بعدم الراحة إذا لم يكن لديهم أي شيء يفعلونه، ولكن هذا يشجع المبادرة وحل المشكلات، حيث يتعيّن عليهم الاعتماد على أنفسهم لمعالجة ” مشكلة الشعور بالملل”.
#4 يساعد الملل الأطفال على تكوين العلاقات
يساعد وجود وقت غير منظّم للّعب مع الأطفال الآخرين طفلكم على تطوير مهارات التعامل مع الآخرين التي ضاعت أمام هذا الجيل المهووس بالتكنولوجيا، لأنّه إذا منحنا الأطفال الوقت والمساحة دون أي شيء يصرف انتباههم، فهذا يساعدهم على التفاوض والتعاون مع بعضهم البعض وتطوير الأنشطة بشكل مشترك، وفي النتيجة يتعلمون تكوين العلاقات والتواصل البصري وقراءة لغة الجسد، وهي أشياء لا يمكن تعلمها إلا من خلال التجربة.
#5 يبني الملل ثقة الطفل بنفسه
عندما يكون لدى طفلكم فرص لشغل نفسه، ويتمكّن من القيام بذلك بنجاح، فإنه سيقدّر ذاته بشكل أقوى، لأنّ وقت الفراغ يمكّنهم من تجربة أشياء جديدة، واختبار حدودهم، والمجازفة، الأمر الذي سيبني ثقتهم بنفسهم شيئاً فشيئاً.
قد يهمك: تعليم تشكيل الحروف العربية للأطفال.
#6 يحسّن الملل صحّة الطفل الذهنية
يميل أطفال اليوم (والكبار أيضاً) إلى أن يكونوا مشغولين للغاية بحيث لا يوجد سوى القليل من الوقت للبقاء مع أنفسهم وترك أفكارهم تسبح لوحدها في فضاء العقل، والملل بالتالي يمنحُ الأطفال الفرصةَ للتفكير بأفكارهم الخاصة والتعرّف على أنفسهم بشكل أفضل، وهذا أمر مهمّ جداً للصحّة العقلية.
وبالنتيجة، اعمدوا إلى إعطاء أطفالكم وقتهم الخاصّ، وقد يكون الأمر صعباً في البداية عليهم، ولكن ما إن تندلع الشرارة ستتحسن الأمور، وستذهلون بقدراتهم الفائقة على الابتكار والإبداع.
قد يهمك: طفلي يكره الكمامة.